عقب إعلان البدء فى تنفيذ مشروع سد الشريك اثير جدل ولغط كثير حول المشروع تماما مثلما جرى عند البدء فى تنفيذ سد مروى .... بيد ان المراقب يلاحظ ان الذى اثير حول سد الشريك كان مختلفا عما حدث فى الحالة الاولى حيث لم يكن اهل المنطقة مهيؤون لاستقبال الحدث برأى موحد أو رؤية واضحة أو قول فصل فى هذا الامر... والمراقبون يرون ان هناك غياب كامل للتنسيق بين المنفذين والمتأثرين ... فلماذا غاب التنسيق مع المعنيين اصحاب الشأن المتأثرين بقيام السد مباشرة والذين يمكن وصفهم باصحاب الوجعة التى نتمنى ان لا تكون وجعة .. بل نتمنى ان تكون عليهم نعمة بائنة ...وكذلك مع بقية اهل المنطقة الذين تقل تبعات تأثير قيام السد علي ارضهم (الذى يسونه الغمر الجزئى) ... وقد ثار جدل كبير بين المثقفين والمحللين للاحداث من ابناء المنطقة ومن غير ابناء المنطقة الذين لا ناقة لهم ولاجمل فى هذا الشأن.....
ما اثير من جدل امر طبيعى جداً ... فالامـر شأن عظيم تترتب عليه عواقب كبيرة ... فاننا هنا نتحدث عن تغيير فى الارض وتسجيل لتاريخ جديد وتبديل لنمط حياة انسان المنطقة .. فكان لابد من الجدل والنقاش وتضارب الاراء والاختلاف ..
لكن الامر الذى تجلى ان المنابر لقد تعددت بصورة لا تخدم مصلحة اصحاب الحق وانك لا تستطيع ان تميز بين فئات المتجادلين فى شأن قيام السد .. هل هم اصحاب الوجعة الحقيقيون ؟ لهم حق الموافقة او الرفض ؟ ام خلف الامر سياسون لهم مقاصد ومآرب متدثرة بالهوى والغرض ...؟ لقد تشابه البقر واختلط الحابل بالنابل وضاعت الطاسة كما يقولون..
هل سمع الصوت الحقيقى للمتأثرين بقيام السد على مختلف درجات تأثرهم ..؟
اعتقد أن غياب التنسيق والتوافق هو عدم وجود كيان واضح او جسم واحد يتحدث باسم المنطقة ( اصحاب الوجعة) لقد ظهرت لجان هنا واتحادات هناك و روابط وجماعات ... وكلها تتحدث وكان الامر يعنيها وحدها ولايعنى غيرها .. الكل يدعى انه ممثل للمتأثرين .. السلطة الرسمية تقول انها الوصى والقائم على امر اهل المنطقة وهذا حقها .. وحتى السلطة التى تقول انها تمثل ولى الامر فقد تنوعت مظاهرها فمن سلطة الولاية الى سلطة المجلس التشريعى الذى انتدب نواباً للحديث الى اهل المنطقة ... و من البيانات التى اذاعوها لم يتضح انهم توصلوا لرؤى واضحة ومحددة عن الرأى الجمعى والكمى للمتأثرين ..
نخلص من ذلك انه لا يوجد كيان وجسم واحد يتحدث باسم الرباطاب.. وهذه علة قديمة مستوطنة .. اى وللاسف ان الاتفاق على امر واحد عند الرباطاب هدف صعب المنال ودونه عوائق جمة .. ومظاهر الاختلاف دائماً تطغى على عناصر الاتفاق .. وهذا يبين بجلاء ان هناك حاجة ملحة لاعادة النظر فى منهجنا ..
أرجو ان لا اكون قد شططت كثيراً فى هذا .. لكن الشواهد كثيرة وبائنة فمنذ استقلال السودان ومنطقتنا هى من اكثر المناطق طرداً لاهلها وتخلفاً مقارنة بما جاورها.. وهى اقل حظاً من الخدمات التى تقدمها الدولة .. من تعليم وصحة وخدمات إجتماعية .. وهذا الامر لا يتناسب ابداً مع رصيد المنطقة فى وعى قادتها وكثرة متعلميها ومثقفيها الذين ساهموا بعلمهم وفكرهم فى الشأن العام للبلاد كافة .. وقد يقول قائل ان هذا تناقض واضح إذ كيف يكون للمنطقة رصيد من المتعلمين الذين ساهموا فى تطور البلاد ولا توجد مدارس ونهضة تعليمية بالمنطقة ... والاجابة بسيطة جداً وهى ان اهل المنطقة كانوا و مازالوا رواد علم وفكر جوالون لم يسمعوا بموطن علم إلا وذهبوا اليه و نهلوا من معينه .. لكن تفاعلهم مع المنطقة كان ضعيفاً بالرغم من شأن و عظم المناصب التى ارتقوها فى الدولة ....
ونضيف الى عدم وجود كيان فاعل .. ان الكيانات الموجودة بالعاصمة او بالاقليم من اتحادات وتنظيمات وتجمعات بالعاصمة ليست على المستوى المطلوب وهناك مظاهر تقوقع وتشرزم لاهل المنطقة بالاقليم أو بالعاصمة التى هى مصدر صنع القرار ومنه تكافح القوميات الاخرى (ان جاز التعبير) لمساعدة وتنمية مناطقها .. والمثل يضرب دائما باهل المنطقة الشمالية ( محس ودناقله ) فتواصلهم ونفوذهم وتواجدهم الفاعل على الساحة قوى جداً وهذا ناتج من تضامنهم .. الشىء الذى نفتقده فى منطقة الرباطاب .. (ارجو ان مخطأ ..)
اذن نحن بحاجة لاتحاد قوى بحاجة لكيان موحد وتضامن متين ليس لمقارعة الاخرين .. ابدأ ... بل لتنمية الاقليم .. ولتثبيت حقوقه وهكذا كيان يؤسس على الشورى والتفاهم وتفويض القادرين المؤهلين وهذا وحده الذى سيضمن لنا مصالحنا ومنافعنا من سد الشريك الذى ارجو ان يكون عامل تجميع ولا تفريق ..
ودمتم بخير
أبوسعود